مخطوطة نادرة في علوم السحر والروحانيات

في عالم المخطوطات الروحانية القديمة، تبرز بين الحين والآخر نصوص مهيبة تحمل بين طياتها أسرارًا لم تكشف للناس إلا نادرًا. ومن بين هذه النفائس تأتي مخطوطة «أصول طلاسم الأكوان وفك رموز الوجود» للشيخ المغربي ابن عزوز المراكشي، التي تعد من أندر وأغنى المخطوطات الروحانية في التراث العربي الإسلامي.
هذه المخطوطة، التي تبلغ حوالي مائة ورقة، تمثل مرجعًا موسوعيًا في علوم الطلاسم والسيمياء والأوفاق، إضافة إلى أسرار استحضار الأرواح والعلاقة بين الفلك والروحانيات.

المؤلف: الشيخ ابن عزوز المراكشي

ينسب هذا الأثر الفريد إلى الشيخ ابن عزوز المراكشي، أحد أعلام المغرب الروحانيين، الذي عُرف بعمق معرفته بالعلوم الخفية وإلمامه بعلوم الفلك والنجوم والحروف. وقد تميز أسلوبه بالدقة في تدوين الشروط والتعويذات، مع ربطها بالفلك والأوقات المناسبة، مما يجعل المخطوطة مرجعًا علميًا وروحانيًا نادرًا.

محتوى المخطوطة

تتوزع أوراق المخطوطة بين أبواب متعددة، يتناول كل منها علمًا من العلوم الروحانية التي كانت أساسًا لفهم الكون والطبيعة من منظور روحاني وسحري. وسنستعرض هذه الأبواب مع شرح مبسط لكل علم.

1. أبواب السيمياء السبعة

علم السيمياء يصف الطرق التي يُعتقد أنها تؤثر في الحواس والعيون، فيجعل الإنسان يرى الأشياء على غير حقيقتها.

يطلق عليه البعض “سحر العيون“.

المخطوطة تقدم سبعة أبواب تتناول طرق قلب الحقائق وإظهار الباطل في صورة الحق.

كانت هذه العلوم مثار جدل كبير بين الفقهاء والروحانيين، حيث يميز بعضهم بين السيمياء كفن من فنون الخداع وبين السحر المحض.

2. فصل في علم النارنجيات

النارنجيات علم روحاني يقوم على مزج مواد معينة مع تلاوة أسماء مخصوصة في أوقات فلكية محددة.

يقال إنه علم “التأثير على البشر والكائنات“.

يركز على كيفية جعل الآخرين يتأثرون سلبًا أو إيجابًا عبر الطاقات الخفية.

المخطوطة تقدم وصفات دقيقة تحدد الأوقات، الأسماء، والمواد اللازمة.

3. فصل في علم الدخنة

الدخنة علم يقوم على استخدام أنواع البخور ودمجها بطرق محددة.

يُحرق البخور في أوقات مختارة لتحقيق مقاصد معينة.

قد يكون الهدف: قضاء حاجة، تحضير روح، أو حتى خلق أوهام ورؤى غير حقيقية.

المميز في هذا العلم أنه لا يشترط تلاوة أدعية، بل يعتمد كليًا على “قوة المادة”.

4. فصل في علم الأعداد

علم الأعداد يعد من أكثر العلوم الروحانية تعقيدًا.

يبحث في قوة الأعداد وتأثيرها على الطبيعة والإنسان.

يربط بين الأعداد والروحانيات والفلك.

يشرح ابن عزوز كيف أن لكل عدد طاقة خاصة تؤثر في الكون والإنسان.

5. فصل في علم الأوفاق

الأوفاق هي جداول عددية وحروفية تُعمّر بطرق دقيقة.

الهدف منها: تسخير الأرواح أو جذب طاقات معينة.

المخطوطة تذكر الشروط الدقيقة لتعمير الوفق، مثل نوع الحبر، وقت الكتابة، وعدد مرات تلاوة العزيمة.

تميزت هذه المخطوطة بذكر خواص كل وفق وطبيعته.

6. فصل في علم الأفلاك والكواكب

علم الأفلاك من أهم العلوم التي ربطت بين الفلك والسحر.

المخطوطة تصف تأثير الكواكب ومنازلها على الطلاسم.

تُبيّن العلاقة بين مواقع النجوم والقدرة على إنجاح عمل روحاني معين.

يشير المؤلف إلى أن اختيار الوقت الفلكي المناسب شرط أساسي للنجاح.

7. فصل في علم الأحكام النجومية

هذا الفصل يتناول:

سعود الكواكب ونحوسها.

شرف الكواكب وسقوطها.

الاتصالات والاقترانات الفلكية.
كان يعتقد أن هذه الأمور تحدد “حظوظ الأعمال الروحانية” ونجاحها أو فشلها.

8. فصل في علم الأسماء والدعوات

يركز على قوة الأسماء الإلهية والدعوات في تحقيق الرغبات.

يتناول الطرق الصحيحة لتلاوة الأسماء، والأعداد اللازمة، والأوقات الفاضلة لذلك.

يربط بين الأسماء وفتح أبواب الرزق، المحبة، والقبول.

9. فصل في غرق العادات والكائنات

يقدم طرقًا روحانية للتأثير في الكائنات والموجودات.

يتحدث عن أسرار الطبيعة الخفية المرتبطة بالطلاسم والعزائم.

10. فصل في فتح البصيرة

يوضح طرقًا تعتمد على الأسماء والحروف لفتح البصيرة.

الهدف: رؤية ما وراء الحجاب وكشف الغيوب.

من أبرز ما ذكره المؤلف: استخدام الحروف لاستخراج الأسرار.

11. فصل في أقسام الحروف واستنطاقها

علم الحروف من أعمدة السحر القديم.

المخطوطة تذكر طرق استنطاق الحروف لتحضير الأرواح أو كشف الضائع.

من بين التطبيقات:

صرع وتلبيس الكف.

إظهار الضائع والخبايا.

كشف المندل بالفنجان.

الطلاسم والتعويذات المذكورة

المخطوطة تحتوي أيضًا على مجموعة كبيرة من الطلاسم والتعويذات التي كان يُعتقد بقدرتها على:

جلب المحبة والعطف.

حل المشاكل الزوجية.

حفظ الأموال والممتلكات.

الحماية من اللصوص والوحوش.

التوفيق في الدخول على الأكابر.

شفاء الأمراض.

كشف الضمائر والأسرار.

التعويذات والطلاسم العملية في المخطوطة

1. الحجب الروحانية

المخطوطة تتضمن مجموعة من الحجب التي كان يُعتقد أن لها قوة خاصة في الحماية وجلب المنفعة:

حجاب المحبة العظيم: يُستخدم لزيادة الألفة بين الأزواج أو المتحابين.

حجاب العطف والقبول: يُقال إنه يجلب القبول لدى الناس، خصوصًا عند الدخول على ذوي الجاه.

حجاب الجاه والقبول: يعزز من المكانة الاجتماعية ويجلب التقدير.

حجاب حفظ الدار والمال والماشية: هدفه حماية الممتلكات من اللصوص والوحوش والآفات.

2. التعويذات الخاصة

المخطوطة تضم العديد من التعاويذ العملية التي دوّنها المؤلف بدقة:

تعويذة المرأة التي لا تحمل: نص روحاني يقال إنه يساعد في رفع العوائق عن الحمل.

تعويذة وجع الرأس والظهر والمفاصل: توصف كنوع من “الطب الروحاني” لتخفيف الآلام.

تعويذة شفاء المريض: تعتمد على أسماء مخصوصة مقرونة بأعداد.

3. العزائم

عزيمة المحبة الصحيحة والمجربة: من أكثر ما أشار إليه المؤلف من حيث قوة التأثير، إذ يربط بين التلاوة الصحيحة وعدد المرات اللازمة.

عزيمة حل المعقود والمربوط: تُستخدم لفك العقد الروحانية التي يُعتقد أنها تصيب بعض الأزواج.

عزيمة صلح وجلب بين المتخاصمين: تهدف إلى إزالة الخلافات وإحلال الود بين الأطراف.

4. الطلاسم

المخطوطة تزخر بمجموعة من الطلاسم المرتبطة بالتأثير الروحاني:

طلاسم الجلب والمحبة والتهييج: تعتمد على جداول وفقية وأسماء روحانية.

طلاسم كشف الضمير: هدفها معرفة ما في قلب السائل أو المستشير.

طلاسم طي الأرض وتقريب المسافات: موضوع طالما أثار فضول الباحثين، إذ يوصف بأنه يتيح “الانتقال الروحاني” بسرعة كبيرة.

5. الكشف والرؤى

كشف الضمير بالحساب: يعتمد على علم الأعداد لمعرفة ما يخفيه الشخص.

كشف المندل بالفنجان: طريقة روحانية لرؤية الغيب عبر رموز تتشكل على سطح الفنجان.

فتح البصيرة: باستخدام الأسماء والحروف لتوسيع المدارك الروحية ورؤية الخفايا.

6. العلوم التطبيقية الأخرى في المخطوطة

حل المربوط عن زوجته: يتضمن عدة طرق متنوعة، بعضها يعتمد على الأوفاق، وبعضها على الأدعية.

صرع وتلبيس الكف: من التطبيقات المثيرة للجدل حيث يُعتقد أن الروح تحضر على جسد الوسيط.

إظهار الضائع والخبايا: طرق روحانية للعثور على المفقودات.

ندرة وقيمة هذه المخطوطة

هذه المخطوطة ليست مجرد كتاب شعوذة كما قد يتبادر للبعض، بل هي سجل تاريخي يعكس:

تداخل الفلك، الأعداد، الحروف، الأسماء مع الممارسات الروحانية.

تطور الفكر الروحاني في المغرب والأندلس خلال عصور ازدهار التصوف.

المحاولات البشرية لفهم الوجود وتسخير قواه عبر الأوفاق والطلاسم.

وتأتي أهميتها أيضًا من كونها مكتومة، أي أنها لم تنتشر بين العامة، بل تداولها الخواص من الروحانيين والعارفين.

قيمة المخطوطة الروحانية

إن «أصول طلاسم الأكوان وفك رموز الوجود» ليست مجرد كتاب في السحر، بل هي موسوعة تجمع بين الفلك، الأعداد، الحروف، الطلاسم، والدعوات، مما يجعلها مرجعًا لا غنى عنه للباحثين في التراث الروحاني.
كما أن ندرتها (١٠٠ ورقة فقط) تجعلها من النفائس التي يبحث عنها المهتمون بالمخطوطات.

الخلاصة

مخطوطة «أصول طلاسم الأكوان وفك رموز الوجود» للشيخ ابن عزوز المراكشي تعد من أندر وأغنى المخطوطات الروحانية التي وصلت إلينا.
تجمع بين علوم السيمياء، النارنجيات، الدخنة، الأعداد، الأوفاق، الفلك، الأحكام النجومية، الأسماء، الحروف، والطلاسم العملية.
ولأنها مخطوطة مكتومة ونادرة، فإنها تمثل كنزًا للباحثين في التراث الروحاني، ومرجعًا لا غنى عنه لفهم العقلية الروحانية في التاريخ الإسلامي والمغربي على وجه الخصوص.

تحذير للقراء

المحتوى الوارد في هذه المخطوطة يُقدَّم هنا لغرض البحث الأكاديمي فقط، ولا يجوز استخدامه عملياً لما قد يحمله من مخاطر ومخالفة للقوانين والشريعة. الغرض من النشر هو توثيق وفهم التراث الفكري والروحاني الذي كان سائداً في الماضي.